بسم الله الرحمن الرحيم و صلى الله على سيدنا محمد و آله الطاهرين و أصحابه الميامين و بعد إرتأيت أن تكون أول مساهمة لي في هذا المنتدى الرائع لمدينة تنس المظلومة المهمشة المنسية ، مساهمة عن الدور الحضاري و السياسي و الثقافي لها و سألقي الضوء بسرعة خاطفة عن بعض مآثر هذه المدينة التاريخية المليئة بالأسرار و الرموز و الروحانيات.
كانت تنس في عهد بني زيان إمارة زيانية مستقلة لها حدود و جيش و اقتصاد وعملة خاصة بها و قال المؤرخ و الرحالة البكري عن تنس "...و كان أهل تنس يكتالون الحبوب بالصحفة ...و قيراطهم حبتان مضروبة و نصف صقل".و حسب ما رواه المؤرخ الجزائري أحمد توفيق المدني في كتابه تاريخ الجزائر في القديم و الحديث أن تنس كانت تسك نقودها محليا و بإمكاناتها الخاصة و قد قدم المؤرخ المذكور في كتابه صورا عن هذه النقود و قال عنها أنها نقود تنس ضربت في عهد ابي عثمان.و كان من السلاطين الذين حكموا إمارة تنس السلطان حسن عبيد و كانت تنس على ولاء كبير لتلمسان عاصمة الزيانيين و قد ظهر في تنس علماء أجلاء أمثال الحافظ التنسي الذي استقدمه سلطان تلمسان و كلفه بالقضاء فيها و الحافظ التنسي عالم جليل و مؤرخ كبير و له تراث زاخر في العلوم الشرعية و الفقه و التاريخ و الأدب و من اهم كتبه "كتاب نظم الدر والعقيان في بيان شرف بني زيان" وهور موسوعة تاريخية نفيسة و كذلك " الطراز في ضبط الخراز"ء و للعلم فإن المصاحف المطبوعة في السعودية لا تزال تشير إلى طريقة الضبط التي أتى بها الحافظ التسي و تجد في مؤخرة الكتاب هذه الملاحظة:" تم ضبط هذا المصحب حسب ما جاء به الشيخ الحافظ التنسي".ء
و كذلك من العلماء الأجلاء الذين عرفتهم تنس سيدي بلعباس السبتي، و سيدي أحمد بومعزة و سيدي معمر سيدي محمد الحاج
و تنس أثناء العصور الوسطى كانت إمارة مستقلة و كان اقتصادها يعتمد أساسا على الزراعة و الجمرك و يقول المؤرخ الرحالة البكري:" و أنه يوجد بتنس من السفرجل المعنق الطيب ما يفوق الحسن في وصفه..."و يقول المؤرخ ابن حوقل :" و كانت تنس تجني أرباحا طائلة من رسوم الجمرك على السلع الداخلة من بلاد الأندلس"...و يصف ميناء تنس القديم فيقول:"تؤمه أكبر السفن الإسبانية حيث يفرغون سلعهم و ينطلقون لجهات أخرى."ء و ازدهرت الحضارة بتنس في القرن الرابع عشر هجري عندما تهاوت إمارات الأندلس الواحدة تلو الأخرى ذلك لأن معظم الأندلسيين هاجرو إلى سواحل إفريقيا الشمالية و سكنوا المدن الساحلية مثل وهران و مستغانم وتنس و شرشال و ساهموا في إثراء إقتصادها و صناعتها و اصبحت تنس تشتهر بالصناعات النحاسية الرفيعة التي إنتقلت فيما بعد إلى تلمسان و المدن الأخرى.
أتوقف هنا و أعدكم بالمزيد في المداخلات الأخرى إن شاء الله.